ليكُن ميلادُك يا ربّ مجداً لله وسلاماً ورجاءً لكُل إنسان

وحدَهُ الحُبّ الغيّور الذي يَكُنُّه الله للإنسان يُفسِّرُ حَدَث الميلاد وهذا الحُبّ الفريد تختصره كلمات هذه الترنيمة الليترجية: “المجد لله في العُلى وعلى الأرض السلام والرّجاءُ الصالح لبَني البشر” . لقد صار الله طفلاً ليُعطينا اليوم رسالة فريدة تقوم على تمجيد الله من خلال عودة كُل إنسان طفلاً، إلى الطفولة الروحيّة فيتنعّم بخلاص الله وغفرانه وسلامه فيُصبِح بدوره فاعِل سلام. لو لم يَكُن الله محبّة لما كان التجسُّد. حَمَل الملاك أيضاً للرُعاةِ الإنجيل أي الفرح للعالم كله، لأنّ الذي كان ينتظرُه شعب العهدِ القديم ليَحمِل له الخلاص فيُغيِّر وجه العالم القديم ويَستبدلُه بعالم يسودُه السلام والعدلُ والرحمة، قد وُلِدَ فعلاً. وهذا السلام بدأ يولد في قَلبَي مريم ويوسف ثمّ الرعاة. واليوم يُريد أن يأتي طفل المغارة ليولد في قلوبنا فهل هي حاضرة لإستقباله؟

إنّ العالم الجديد الذي يُشير إليه ميلادُ يسوع ويَصنعُه، هو دائماً مع هذه الأرض في مرحلة الولادة. إنه يولَد في كُل مرّة يدخلُ فيها الإنسان مع “العمّانوئيل” في معركة السلام والعدالة ويَبتعد عن الأنانية والعُنف. عالمُنا الجديد يولَد عندما نقبلُ الله في حياتنا كمريم ويوسف فنتأمّل بنعمته الخلاصية ونُسبِّح الطفل يسوع مع الرُّعاة ونسجُد له مع المجوس القادمين من المشرق. فكما قدّم له المجوس الذهب، نُقدِّمُ له اليوم حياتَنا أغلى ما لدَينا ونسألُه أن يدخُل فيها فتُشعّ بنوره كالذهب ونعكِسه على الآخرين.

فيا ربّ الكَون بميلادِكَ جمعتَ السماء والأرض بعائلة واحدة، بارك عائلاتنا واجمعها واجعل منها مغارة دائمة لك تفيض عليها بنعمك وتقدّسها.

نشكُرك ياربّ، لأنّك علّمتنا بتجسُّدِك أن نُجسِّد كلّ فكرٍ فيصيرَ فِعل غفران ورحمة، وعلّمتنا أن العَظَمة الحقّة هي في فِعل حُبِّ يُصيِّر الإله طفلاً في مذود.

أعطِنا يا ربّ نعمة الفهم والحُبِّ والتَلمذة أمام سرِّ تواضعك وامّحائِك فنَصير لكَ مسكناَ يليق بحضورِك. أعطِنا أن نستقبلَكَ ونستقبِل جديدَكَ الذي يفوقُ توفّعاتِنا، ويصير لنا شرفُ التشبُّه بمريم امِّك، فنلدَكَ للعالم.

AR-Arالعربية
Scroll to Top